
الرهان هو أن يتراهن شخصان على شيء ما مقابل مال، فمن يصح رأيه يأخذ هو المال، ويخسر الآخر، أو عندما يحدث خلاف بين اثنين عند رواية قصة أو اختلاف أشياء أخرى، مثل أن يقول واحد للآخر إن صح ما أقول لك فعليك أن تدفع كذلك من المال.
والرهان يفتح الباب للكثير من المشاكل والمصائب بين المسلمين، فهناك من يخسر مالًا بسبب الرهان، وهناك من يخسر ود أحبائه بسبب هذا الامر، وقد يتسبب في كثير من المشاكل كذلك. وهنا نتحدث عن حكم الرهان.
ما هو حكم الرهان؟
قال الشيخ ابن باز في حكم الرهان، هذا ما يجوز، ليس بحلال، بل هذا محرم، هذه مراهنة من باب القمار من باب الميسر الذي قال الله فيه سبحانه: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 90]، والميسر هو القمار وهو مثلما إن كان كذا فكذا، إن كان فلان جاء فلك كذا وإن كان ما جاء فعليك كذا، إن كان فلان كذا، إن كان هذا الذي معك ذهب أو حجر أو كذا على حسب ما يختلفان فيه، المقصود إن مثل هذه المراهنات تعتبر من جملة الميسر من القمار يقول النبي ﷺ: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر والسبق العوض، أي لا عوض إلا في نصل أو خف أو حافر، يعني في الرمي وفي المسابقة بالخيل وفي المسابقة بالإبل.
لكن المسابقة في العلم ليست من هذا الباب بل من باب الجعالة، إذا قال: من تعلم كذا وكذا من القرآن أو من السنة أو من كتاب كذا فله كذا هذا من باب الجعالة من باب الأجرة أو أسئلة تلقى في القرآن أو في السنة فإذا أجاب عنها فله كذا هذا من باب التعليم من باب التوجيه إلى الخير من باب التشجيع على العلم هذا غير داخل في المحرم؛ لأن هذا من باب التشجيع على العلم والتوجيه إلى الخير وجعل الجعالة التي تعين على ذلك أو الأجرة التي تعين على ذلك، أما المراهنة فهي المغالبة هذا يقول كذا وهذا يقول كذا.
حكم الرهان من طرفين

قال ابن حجر في التلخيص: وروى أبو داود في "المراسيل" عن سعيد بن جبير قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء، فأتى عليه يزيد بن ركانة، أو ركانة بن يزيد، ومعه أعنز له، فقال له: "يا محمد، هل لك أن تصارعني"، قال: "ما تسبقني"، قال: "شاة من غنمي، فصارعه، فصرعه، فأخذ شاة، فقال ركانة: هل لك في العود، ففعل ذلك مرارا، فقال: يا محمد، والله ما وضع جنبي أحد إلى الأرض، وما أنت بالذي تصرعني، يعني: فأسلم، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم غنمه. إسناده صحيح إلى سعيد بن جبير، إلا أن سعيدا لم يدرك ركانة، قال البيهقي: وروي موصولا. اهـ.
وقد روى أبو بكر الشافعي بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن يزيد بن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل مرة على مائة من الغنم فلما كان في الثالثة قال: يا محمد ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك، وما كان أحد أبغض إلي منك. وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وردَّ عليه غنمه.
حكم الرهان من طرف واحد
المراهنة من طرف واحد جائزة شرط أن تكون لنصرة الحق وإظهاره ؛ ويدل عليه ما كان من أبي بكر والمشركين من ظهور الروم على الفرس وفيه أن المشركين قالوا لأبي بكر : (اجعل بيننا وبينك أجلًا ، فإن ظهرنا كان لنا كذ وكذا ، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا ، فجعل أجل خمس سنين ، فلم يظهروا ، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : (ألا جعلت إلى دون العشر) . الترمذي (3193) ، وله شواهد ذكرها ابن كثير في أول تفسير سورة الروم .
واختلف العلماء في حمل هذه الواقعة فمنهم من قال : أنها منسوخة ؛ لأنها كانت قبل تحريم القمار، قاله المالكية والشافعية والحنابلة ، ورده ابن القيم بأن آية تحريم القمار كانت في غزوة بني النضير بعد أحد ، وأما غلبة الروم لفارس فكانت عام الحديبية ، وهذا يدل على أن الصديق أخذ الرهان بعد تحريم القمار .
ومنهم من قال : أن هذا خاص إذا كانت المراهنة بين مسلم وحربي ، قاله الحنفية .
والراجح أن هذه المراهنة محكمة وليست منسوخة ، وهو مستثنى من القمار المحرم ؛ لأن هذا تحدي من الصديق للمشركين مع وثوقه بالغلبة ، وعليه يحمل حديث مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم لرُكانة ؛ لأنه تحدي لإظهار أنه مؤيد من الله ؛ ولذلك كانت هذه المصارعه سببًا في إسلام ركانة .
حكم الرهان على كرة القدم
عدم جواز الرهان على كرة القدم؛ لأن ذلك مما لم يرد به الإذن، فهو مقامرة وميسر حيث يدفع المتراهنان مالاً للمخاطرة به بحيث يغنم إذا صح توقعه بالفائز، ويغرم إذا لم يصح توقعه، ولا يؤثر كون ما يغنم أو يغرم طعامًا أو غيره فكل ذلك ممنوع لدخوله في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ {المائدة:90-91}
والرهان على كرة القدم يشبه أي نوع آخر من أنواع الرهان، حيث يؤدي إلى نفس المفاسد التي تحدث في الرهان وكذلك نفس الخسائر لذلك هو محرم.
http://almoslim.net
من مواليد القاهرة 1985، حاصلة على بكالريوس الآداب جامعة عين شمس عام 2006، متابعة وناقدة فنية، أعمل كمحررة محتوى على موقعيّ Nawa3em، وgheir، ومتخصصة في كتابة المقالات والآراء حول المسلسلات والأعمال الانتاجية الفنية، وأحاول تحسين حياة القراء والقارئات عبر هذه المقالات.