
قال بعض العلماء ان المكوس أو الضرائب محرمة، والمكوس هي الضرائب التي تفرضها الدولة، وكذلك تحريم ما يفرض على من يمر بالبلد من تجار والبضائع ما يسمى بالجمارك.
استدل على تحريم الضرائب بما ورد عن السنة النبوية من قول النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة الغامدية التي زنت: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لو تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ له). وهنا نتحدث عن حكم الضرائب في الإسلام.
ما حكم فرض الضرائب في الإسلام؟
الزكاة ركن من أركان الإسلام، فرضها الله تعالى على المسلمين الأغنياء تحقيقاً لنوع من التكافل الاجتماعي، والتعاون والقيام بالمصالح العامة كالجهاد في سبيل الله .
وقد قرنها الله تعالى بالصلاة في أكثر من آية، وهو مما يؤكد على أهميتها، وقد ثبت وجوبها بالكتاب والسنة والإجماع .
أما الضرائب التي تقررها الدولة وتفرضها على الناس، فلا علاقة لها بما فرضه الله عليهم من زكاة المال .
والضرائب من حيث الجملة : هي التزامات مالية تفرضها الدولة على الناس، لتنفق منها في المصالح العامة، كالمواصلات، والصحة، والتعليم، ونحو ذلك .
فالضرائب من وضع الناس وأنظمتهم، لم يشرعها الله تعالى، وأما الزكاة فهي شريعة ربانية، وعبادة من أعظم عبادات الإسلام .
وبعض الناس لا يخرج زكاة ماله اكتفاء بالضريبة التي يدفعها للدولة، وهذا غير جائز، فالضرائب شيء، والزكاة شيء آخر .
حكم أخذ الضرائب
مسألة الضريبة تعتبر من المسائل المعاصرة، إلا أنه وجد ما يشبهها في السابق كالخراج، و بعضهم يشبهها في الزكاة، هي تشبهها و لكن لكل منها أحكام مختلفة، و الذي أوجد الشبه عند كثير من الناس هو صفة اللزوم .
واختلف فيها العلماء قديما وحديثا، بين من أجازها بشرط، ومنهم من منعها مطلقا، ومن جوزها اشترط لجوازها أربعة شروط :
الأول: أن تكون هناك حاجة حقيقية بالدولة إلى المال، ولا يوجد مورد آخر لتحقيق الأهداف وإقامة المصالح دون إرهاق الناس بالتكاليف.
الثاني: أن توزع أعباء الضرائب بالعدل بحيث لا يرهق فريق من الرعية لحساب فريق آخر، ولا تحابى طائفة وتكلف أخرى.
الثالث: أن تصرف الضريبة في المصالح العامة للأمة.
الرابع: موافقة أهل الشورى والرأي في الأمة. لأن الأصل في أموال الأفراد الحرمة، والأصل أيضاً براءة الذمة من الأعباء والتكاليف.
هذا .. وهناك رأي آخر يقرر تحريم فرض الضرائب، لأنه لا حق في المال سوى الزكاة، ولأن الإسلام احترم الملكية وحرم الأموال كما حرم الدماء والأعراض. والضرائب مهما قيل في تسويغها فهي مصادرة لجزء من المال يؤخذ كرهاً عن مالكيه، ولأن الأحاديث النبوية قد جاءت بذم المكس ومنع العشور.
سبب الخلاف :
هو بعض النصوص التي دلت على أنه ليس في المال حق سوى الزكاة، منها ما جاء عن طلحة بن عبيد الله يقول : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( خمس صلوات في اليوم والليلة ) فقال هل علي غيرها ؟ قال ( لا إلا أن تطوع ) . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( وصيام رمضان ) . قال هل علي غيره ؟ قال ( لا إلا أن تطوع ) . قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه و سلم الزكاة قال هل علي غيرها ؟ قال ( لا إلا أن تطوع ) . قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أفلح إن صدق )، و أيضا من النصوص التي تدل على وجود الحقوق في المال غير الزكاة منها حق الضيف، و وجوب التكافل بين المسلمين.
أدلة المانعين :
- أن الأحاديث دلت على أنه ليس في المال حق إلا الزكاة .
- أن الإسلام احترم الملكية الخاصة و صانها من الاعتداء، كما في قوله صلى الله عليه و سلم : ( إن دماءكم و أموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا )، و لا ريب بأن في فرض الضرائب اعتداء على هذه الملكية .
- و يمكن الجواب على هذا الاستدلال أن فرض بعض الأمور المالية التي يعود نفعها على الأفراد، لا ينافي احترام الملكية الخاصة، بل منها ما يحقق المصالح الخاصة للأفراد، بحيث يعود نفع فرضها عليهم.
- قوله صلى الله عليه و سلم : ( اسمعوا مني تعيشوا ألاَ لا تظلموا ألاَ لا تظلموا ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه )، و كثير من الناس لا يرضى بفرض الضرائب عليه أو أن تؤخذ من ماله .

أدلة المجيزين :
- أن التضامن و التكافل الاجتماعي فريضة دلت عليها الأدلة، منها حديث النعمان بن بشير قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ».
- أن مصارف الزكاة محدودة بحد الله لها، أما حاجات الدولة فغير محدودة من بناء المستشفيات و تعبيد الطرق، فهذه لا يجوز أخذها من أموال الزكاة، و بعض الدول فقيرة لا تستطيع تغطية هذه التكاليف، و الناس في حاجة ماسة إليها، و لا نندبها إلى أخذ الديون من الدول الأخرى، لأن فخ الديون سقطت فيه أمم، و نهبت خيراتها بسببه، فأفضل طريق هو فرض هذه التكاليف على شكل ضريبة على المواطنين.
- قوله تعالى : (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا)
- وجه الدلالة : أن ذا القرنين لما أراد أن يبني السد أخذ منهم خرجا، ليوفي بتكاليف هذا السد، و بناء السدود لأجل كف الأعداء و غيرها من حاجات الدولة، و الله لم ينكر ذلك و أقره، و على رأي نبوة ذو القرنين يقوى الدليل.
و يمكن أن يجاب عن هذا الدليل بأن هذا من قبيل شرع من قبلنا، و شرع من قبلنا حجة لنا إذا لم يثبت في شرعنا ما يعارضه، و قد ثبت أنه ليس في المال حق سوى الزكاة .
و على فرض على أن هذا الأمر أنه من قبيل شرع من قبلنا المحتج به، فليس فيه دليل على جواز فرض الضريبة من قبل الحاكم، بل إن قوم ذي القرنين هم الذين عرضوا عليه أن يجعلوا له خرجا.
حكم التهرب من الضرائب
إن كانت موارد الدولة العامة لا تفي بحاجة الأمة، ومصالح الناس، وكانت تأخذ الضرائب لسد تلك الحاجة، والقيام بتلك المصالح، فلا يجوز التهرب منها بهذه الحيلة ولا بغيرها من الحيل، لأن تحصيل تلك الضرائب مما تقتضيه المصلحة العامة التي لا بد للجميع من التعاون عليها، والالتزام بما يحققها. وأما إن كانت الضرائب غير شرعية أصلاً وإنما تأخذها الدولة ظلماً، وتصرفها في غير حق شرعي، فلا حرج في التهرب منها لرفع الظلم، ودفع الضرر بالمستطاع.
وقال الأزهر الشريف عن حكم التهرب من الضرائب "لا يجوز التهرب من دفع الضرائب، لأن الضريبة حق مكفول للدولة، تفرضه على المواطنين؛ نظرًا لما تقوم به من خدمات ومصالح ومنافع وإنشاء للطرق وتشييد للمستشفيات وغيرها، وهى كذلك تعتبر عقدًا بين المواطن والدولة."
حكم دفع الضرائب
قالت دار الإفتاء المصرية، إن التهرب من دفع الضرائب والجمارك ودفع الرشوة لإنقاصهما غير جائز شرعًا؛ ذلك أن هذه الالتزامات المالية عبارة عن مقدار محدد تفرضه الدولة في أموال المواطنين نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح المجموع.
وأوضحت «الإفتاء» فى إجابتها عن سؤال: «ما حكم التهرب من دفع الضرائب والجمارك؟»، أن التزامات المواطنين المالية من ضرائب أو جمارك أو غيرهم تخلق نوعًا من التوازن في المجتمع بين فئاته المختلفة، فكان فرض مثل هذه الالتزامات للمصلحة العامة الواجب مراعاتها.
وأضافت أن جماعة من فقهاء المذاهب المتبوعة أقروا الضرائب، لكنهم أسموها بـ"الخراج"، وأسماها بعضهم بـ"النوائب" جمع نائبة، وهي اسم لما ينوب الفرد من جهة السلطان؛ إعمالًا لما تقرَّر في الشريعة الإسلامية أن في المال حقًّا سوى الزكاة.
مرجع:
https://islamqa.info
من مواليد القاهرة 1985، حاصلة على بكالريوس الآداب جامعة عين شمس عام 2006، متابعة وناقدة فنية، أعمل كمحررة محتوى على موقعيّ Nawa3em، وgheir، ومتخصصة في كتابة المقالات والآراء حول المسلسلات والأعمال الانتاجية الفنية، وأحاول تحسين حياة القراء والقارئات عبر هذه المقالات.