في عرض هو الأشد طموحاً من الناحية التقنية في مسيرته، قدّم المصمم الفرنسي ستيفان رولاند مجموعته للهوت كوتور لخريف وشتاء 2025–2026 على خشبة مسرح Théâtre des Champs-Élysées، حيث لا تزال أصداء "بوليرو" لرافيل تتردّد في جدرانه الآرت ديكو. بالنسبة لرولاند، الذي يعشق هذه المعزوفة منذ طفولته، لم يكن هذا العرض مجرّد عرض أزياء، بل لحظة تتويج فنية تمت الإعداد لها على مدى 18 شهراً، بالتزامن مع تعاون موسيقي مع القائدة زاهية زيوني وأوركسترا Divertimento .
بداية صامتة وبناء تصاعدي كالسيمفونية
بدأ العرض في صمت شبه تام، لا يُسمع فيه سوى صوت المترونوم وهمهمة ماكينات الخياطة، تمهيداً لرفع الستار عن الأوركسترا التي قادتها زيوني. وما بثت أن ظهرت التصاميم على وقع تصاعد الموسيقى، بانسيابية محكمة تحاكي الإيقاع. اعتمد رولاند على أسلوب تأليفي – هندسي- بخطوط نظيفة في رسم تصاميمه، حيث توقّف قلمه واستأنف كأنّه يتّبع نوتة موسيقية، ما أضفى على المجموعة إيقاع بصري يوازي الحركة الصوتية.
مزج ثقافات: من إسبانيا إلى اليابان وصولًا إلى المستقبل
بأسلوبه الذي يجيد التوازن بين الفخامة والابتكار، قدّم رولاند قطعاً مستوحاة من الثقافة الإسبانية كالمعاطف التي تذكرنا بزيّ التوريرو، إلى جانب فساتين مقطعة بقصّات يابانية الطابع، وبدلات مستقبلية مشغولة بهندسة دقيقة. الألوان جاءت مدروسة: الأسود والأحمر والأبيض والذهبي – درجات ذات دلالات رمزية تعزز درامية العرض وتُترجم الانفعالات الموسيقية إلى خامات وقصّات.
أزياء تنطق بالإيقاع: البنية مقابل الانسياب
استخدم رولاند خامات مثل الكريب والساتان لإضفاء حركة سائلة، في مقابل اعتماد القصّات البنيوية والتفصيل الهندسي ليعبّر عن التوتبر بين الليونة والانضباط. جاءت الأزياء كترجمة مرئية للموسيقى: تكرار يتحوّل، وإيقاع يُبنى ثم يُفكّك، تمامًا كما في "بوليرو" نفسها.
تفاصيل مسرحية ومرجعيات موسيقية مباشرة
تزيّنت العارضات بقبعات واكسسوارات رأس هندسية تحاكي شكل النوتات الموسيقية، فيما جاءت بعض الفساتين كزهور عملاقة تتفتّح في اللحظة نفسها التي تتصاعد فيها الأوركسترا نحو الذروة. التفاصيل لم تكن زخرفية فقط، بل أُدرجت ضمن بنية التصميم لتُترجم الإيقاع والتوتر والتوازن، إلى فساتين التوكسيدو ذات الأحجام الضخمة التي تعكس مفهوم السيطرة والانفلات.
نهاية بحجم الذروة: الهوت كوتور كفن شامل
بلغ العرض ذروته بالتزامن مع اللحظة الأخيرة من المقطوعة الموسيقية، حين ظهرت الفساتين الذهبية بأحجام ضخمة وانسيابية آسرة. ورغم الغنى البصري، بقي كل شيء تحت سيطرة حرفية الهوت كوتور: كل غرزة وثنية ودرزة كان جزءاً من معزوفة خياطة. لم يكن العرض استعراضاً مسرحياً بل تجربة فنية كاملة، حيث تماهت الأزياء مع الموسيقى، وتحوّلت منصة العرض إلى خشبة مسرح تعبيري
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.