في عرضه ضمن أسبوع باريس للأزياء الراقية، قدّم طوني ورد مجموعة خريف وشتاء 2025–2026 تحت عنوان "Entre Rêve et Regard" (بين الحلم والنظرة)، واضعاً الأزياء في قلب مشهد درامي يحتفي بالهوية والتحوّل. لم يكن هذا العرض مجرّد استعراض لتقنيات الكوتور، بل كان بمثابة أداء فني حيث تتجسّد فيه كل إطلالة ككائن مستقل ينبض بالشخصية والرمزية.
بين الماضي والآن: قراءة معاصرة للفخامة التاريخية
استلهم المصمّم اللبناني من عوالم الباروك وحفلات التنكّر الفخمة، لكنه لم يسقط في فخ الحنين أو التكرار. بل أعاد صياغة هذه العوالم بعينٍ معاصرة، حيث الفخامة لا تأتي من البذخ بل من الحرفية العالية والشكل النحتي. فالتطريز الباروكي الكثيف، والقصّات المقطّعة بتقنية devoré على المخمل، والتطبيقات الثلاثية الأبعاد المصنوعة يدوية، كلّها عناصر شكّلت قاعدة جمالية ذات طابع قوي ومدروس.
الكورسيه كعنصر قوة... لا قيد
اللافت في المجموعة هو استخدام الكورسيه، ليس كوسيلة تقييد للأنثى، بل كوسيلة دعمٍ لشكل انسيابي ومثير في آنٍ معاً. فكل فستان بدا كدرعٍ أنيق، حيث التباين بين الهيكلية والشفافية (سواء عبر الأكمام المنتفخة أو الطبقات المعدنية أو الدانتيل الشفاف) أعطى انطباعاً بأن القوة والجاذبية يمكن أن تتجسّدا في الوقت نفسه، من دون تناقض.
القناع كمرآة... لا ستار
في هذه المجموعة، لا يخفي القناع الهوية بل يكشفها. الطرحات والأقنعة التي رافقت بعض الإطلالات بدت كأنها مرآة عاكسة لمكنونات النفس، في قراءة جديدة لمعنى التزيّن والظهور. لقد قلب طوني ورد المفاهيم المعتادة رأساً على عقب، وطرح فكرة أن الهشاشة يمكن أن تكون شكلاً من أشكال التعبير الجريء عن الذات، لا نقطة ضعف.
لوحة ألوان ناطقة بالمشاعر
في كسرٍ واضح للتقاليد اللونية المعتادة في عروض الخريف والشتاء، جاءت ألوان المجموعة نابضة بالحياة: الأزرق البارد، الزهري الناعم، الكهرماني، القرمزي العميق، إلى جانب تدرّجات الأرض الدافئة. هذا التنوّع لم يكن اعتباطياً، بل أسهم في تعميق الأثر البصري والعاطفي للعرض.
ما أعجبني في هذا العرض هو التوازن الدقيق بين المسرحة والرقي. طوني ورد لم يُفرط في الدراما ولا في الزخرفة، بل استثمرها لتقديم عرض بصري غني، ذي رسالة جمالية وإنسانية. فكل فستان كان يحمل صوتاً، وكل طيّة كانت جزءاً من سردٍ ذاتي لا يخجل من التوهّج.
لقد نجح طوني ورد في تقديم عرض لا يُشاهد فقط، بل يُشعر. مجموعة لا تكتفي بتجميل الجسد، بل تحكي قصصاً عنه. وبين الحلم والنظرة، ارتسمت ملامح امرأة لا تتوارى خلف القناع، بل تراه وسيلة للتعبير عن حقيقتها.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.