حانت اللحظة المرتقبة في عالم الموضة بانتظار وشغف وفضول لم يسبق له مثيل، الجميع كان يتطلع لرؤية العصر الجديد من دار شانيل Chanel تحت قيادة المدير الإبداعي ماثيو بلازي، تساؤلات عديدة وتكهنات لا حصر لها عن توجهه في شانيل هل سيحافظ على إرث الدار كما نعهدها أم يذهب إلى التجديد الشامل أم سيفاجئ الجميع بنهج جديد كليًا!
ماثيو بلازي ينظر إلى السماء
كان عرض شانيل لربيع وصيف 2026 خلال أسبوع موضة باريس هو الحدث الأبرز على الإطلاق استقطب أشهر النجوم وأعاد الحياة المسرحية إلى غراند باليه وجهة الدار المفضلة لعروضها الأيقونية، ذهب ماثيو بلازي إلى الفضاء وعالم السماء المرصع بالنجوم والكواكب الفكرة التي كانت مُلهمة ومفضلة لمؤسسة الدار كوكو شانيل بمجسمات عملاقة للكواكب ذات الألوان النابضة وانعكاسها على مدرج العرض بينما تسير العارضات بإطلالات تكتب تاريخ شانيل الجديد جميعها لحظات مهيبة تجسّد جمال الموضة.
يقول المدير الإبداعي لدار شانيل ماثيو بلازي "جميعنا ننظر إلى السماء نفسها. جميعنا نرى النجوم. هناك شيء عالمي. يجب أن يكون جميلًا وممتعًا أيضًا، وهذا ما علينا تقديمه أيضًا في عالم الموضة" حيث أراد أن ينقل فكرة الحرية والأزياء التي لا حدود لها.
قصة جديدة في شانيل
تجاوزت المجموعة توقعاتنا ونجح ماثيو بلازي في كتابة فصل جديد للدار، وبدلًا من محو رموزها أو تقديمها بحلتها الأساسية ترجمها بلازي إلى لغة معاصرة مستلهمًا من أرشيف شانيل الضخم جميع عناصر المجموعة لكن يضيف إليها رؤيته الخاصة ويوسع قاعدة عملاء شانيل فهي لم تعد الآن السيدة التي ترتدي فقط سترات وتايورات التويد الكلاسيكية بل أعلنها بقوة في مجموعته أن شانيل لكل امرأة عاشقة الفنون والتفرد.
الإطلالة الأولى كانت بمثابة تحية إلى حياة كوكو شانيل الرومانسية التي ألهمت إبداعها، وقدّم ماثيو بلازي على عكس التوقعات إطلالة أنثوية ذكورية من البدلة الكاروهات ذات السروال الكلاسيكي والبلايزر القصير بأكتافه العريضة مع أزرار ذهبية في إشارة إلى إلهامها الدائم من ملابس صديقها آرثر "بوي" كابيل.
لينتقل إلى فترة العشرينيات وإطلالات مستوحاة من مؤسسة الدار بفساتين من الشيفون المطرز والساتان، ومن الستينيات يستلهم أسلوب التنورة الأبرز في المجموعة وهي تنورة ميدي تتقاطع أسفل الخصر مع أزرار جانبية وحافة مزخرفة.
حرفية جريئة بروح شانيل
يتسم أسلوب ماثيو بلازي الإبداعي بحرفيته العالية في التلاعب بالخامات وابتكار صيغ جديدة من الأقمشة هذه الموهبة رسمت الكثير من إطلالات شانيل في مجموعته الأولى ليجمع بذلك بين حرفية الدار الراقية وأسلوبه المبتكر لعلها تتجسد بقوة في التويد هذا النسيج الذي أصبح علامة شانيل المميزة يقدّمه بأسلوب عملي عفوي ويشكل النسيج المحاك ليحاكي التويد، بينما يبرز التايور بأسلوب مرح مع التنانير القصيرة والسترات دون ياقة أو بنقوش المربعات المتقاطعة، والتقليمات العريضة الملونة.
الأزهار عنصر لا يمكن تجنبه عند دراسة أرشيف شانيل لكن بلغة بلازي تندمج الأزهار البارزة في أطقم محاكة، بينما يصنع الزهور من الخيوط الملونة ويطرزها على الفساتين الطويلة، ويستحضر "تميمة الحظ" لكوكو شانيل وهي سنابل القمح الذهبية ويزيّن بها الفستان الأسود بسلاسل القمح.
نتوقف أمام التنانير وتنوعها الكبير في المجموعة من التنانير الميدي إلى التنانير بأطوال غير متماثلة ينسقها مع القمصان التي قدّمها بالتعاون مع Charvet الفرنسية التي كانت مفضلة لكوكو شانيل، أو مع التيشيرت في مزيج أنثوي ذكوري، أو تنانير بطابع سريالي مثل إطلالة الختام بتنورة من الشراريب الملونة وتيشيرت ساتان أبيض.
لوحة الألوان تعكس توجه ماثيو بلازي نحو المرح والعفوية باختيارات زاهية من الأحمر، والذهبي، والأبيض والأصفر والوردي، والأخضر المنتي، وجاءت الإكسسوارات لتكمل هذا الأسلوب بقبعات من الريش، وأقراط الريش النافر، وقلادات الخيوط مع المعدن، وقلادات سميكة طويلة مطلية بالمينا.
بهذه المجموعة يكتب ماثيو بلازي فصلًا جديدًا في تاريخ شانيل، وينجح في العثور على لغته التي سيكتب بها المجموعات القادمة فهو لم يتخل عن بصمته الشخصية لكن في الوقت ذاته أدق تفاصيل المجموعة تنبض بروح شانيل وتحتفي بإرثها لتنقله إلى الأجيال الجديدة.
مُحررة أخبار وكاتبة مقالات لموقع gheir.com، شغفي بصناعة الأزياء دفعني إلى التعمق و دراسة أصولها، بينما خبرتي الأكاديمية في مجال الإعلام جعلت مهنة مُحررة الموضة هي الأمثل لي، لأنقل لكم يومياً أخبار الأزياء و المجوهرات، و حوارات مع أهم شخصيات الموضة العالمية والعربية بجانب تحليلات أسبوعية تكشف كواليس و خبايا صناعتها.