مارك جايكوبس يتحدى التقاليد بتصاميم "من كوكب آخر" | Gheir

مارك جايكوبس يتحدى التقاليد بتصاميم "من كوكب آخر"

موضة  Jul 02, 2025     
×

مارك جايكوبس يتحدى التقاليد بتصاميم "من كوكب آخر"

في زمنٍ تميل فيه دور الأزياء الكبرى نحو التوازن بين الإبداع والربح، يواصل مارك جايكوبس السير عكس التيار، مكرّساً فنه لتقديم عرض لا يشبه أحداً سواه. فففي مجموعته لخريف وشتاء 2025-2026، قدّم المصمم الأميركي عرضاً مؤلفاً من 19 إطلالة فقط، لكنه كان كافياً ليعلن، وبكل ثقة، أن الموضة بالنسبة له ما زالت مساحة للتعبير الفني الحر، للدراما المقصودة، وللجمال المُشوّه الذي يلامس حدود السريالية.

منذ الإطلالة الأولى، بدا واضحاً أن جايكوبس لا يطمح إلى إرضاء الأذواق السائدة. ولهذه قدّم السراويل القتالية التي تحوّلت إلى عمل نحتي ضخم، بأحجام مبالغ بها وجيوب تتجاوز المنطق. تلتها بناطيل دنيم بيضاء هندسية البُنية، مأخوذة من عالم المألوف لكن محوّلة إلى شيء جديد تماماً بفضل التفاصيل المقصوصة والقصّات النحتية. كل قطعة بدت وكأنها تروي حكاية، لا مجرّد تصميم.

اللعب على النسب والأحجام كان البطل الحقيقي للعرض. الأكتاف المبالغ فيها، الأكمام التي اتخذت شكل قلوب، الخصور المنفوخة، كلها عناصر بدت للوهلة الأولى كأنها من رسوم كرتونية، قبل أن تكشف عن مرجعيات تاريخية ذكية تنقلك بين فساتين العصر الفيكتوري وتفاصيل الأزياء المسرحية. حتى الزينة جاءت بروح ساخرة وعبثية: مئات من العقد الصغيرة غطّت فستاناً كاملاً، أو زُيّنت به التنانير بأسلوب يعلّق على مفهوم الزينة نفسه.

واحدة من أقوى لحظات العرض كانت الفستان الأسود في الإطلالة الأخيرة، المصنوع من الدانتيل الشفاف، والمزيّن بانحناءات هندسية عند الوركين، وعقدة واحدة عند مؤخرة الركبتين. فستان يجمع بين الأنوثة الكلاسيكية والتشويش البصري، ويختصر الفلسفة التي تسكن هذه المجموعة: الأنماقة لا يجب أن تكون سهلة ولا مريحة... بل من الأفضل أن تربكك قليلاً، أن تحرّك فيك شيئاً، أن تبدو وكأنها من كوكب آخر، أن يجعلك تتساءل بدل أن تكتفي بالإعجاب السطحي.

في رأيي، مجموعة مارك جايكوبس الأخيرة ليست مجرد عرض أزياء، بل تعبير فني واضح ضد التساهل والانصياع. في زمن تهيمن فيه النزعة الاستهلاكية على الموضة، يذكّرنا جايكوبس بأن للأزياء قدرة على طرح الأسئلة، على استفزاز المشاعر، على صناعة صور لا تُنسى. إنها مجموعة تتطلّب من المتلقي أن يكون جزءاً من التجربة، لا مجرد متفرّج.

وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نثمّن هذا التمرّد الجميل. ففي عالم يزداد تشابهاً يوماً بعد يوم، هناك دائماً حاجة إلى من يجرؤ على رؤية الجمال بطريقة غير متوقّعة.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

الموضة