في كل مرة نعتقد فيها أن صناعة الموضة قد اكتفت بالفعل من الصيحات التي تنتشر بسرعة قياسية في كل مكان، ولاسيما في صور المؤثرات على إنستغرام، نعود لنتفاجأ بظهور صيحة جديدة من العدم، لتملأ الدنيا وتشغل الناس. وهذه المرة، تبدو الصيحة من الغرابة بمكان، أنه لم يكن لأحد أن يتوقعها، حتى مبتكرها كاسينغ لونغ، وهو فنان من هونغ كونغ، حيث أنشأها عام 2015 مع ثلاثة كتب مصورة مستوحاة من الأساطير، ومن بين شخصياتها الوحش الصغير لابوبو، الذي عُرف بطيبة قلبه رغم شكله. كانت مجرد دمية لا أحد يعيرها اي اهتمام، إلى أن قامت ليزا، نجمة فريق بلاك بينك الكوري بتعليقها على حقيبتها، وسارت على خطاها العديد من النجمات، لتتحول الدمية "ذات الشكل المخيف" نوعاً ما، إلى هوس جديد اجتاح العالم، والدليل؟ 1.2 مليون منشور على تيك توك يحمل وسم #Labubu، وآخر مجموعة صدرت مؤخراً من Pop Mart تحت اسم Labubu the Monsters Big into Energy بيعت بالكامل خلال أيام، ووصل متوسط سعر إعادة البيع إلى 208 دولارات — أي أكثر بنسبة 24٪ من سعرها الأصلي.
بدأت حمى لابوبو فعلياً في منتصف عام 2024، وانتقلت من مجرد دمية "كيوت بطريقتها الغريبة" إلى رمز للأناقة الجريئة والـ street style العالمي. هذه الدمى الغريبة الشكل — التي تجمع بين ملامح الأرنب والطفل الدمية — تصدرها شركة Pop Mart الصينية بنظام الـ Blind Box، أي أنك لا تعرف أي إصدار ستحصل عليه إلا بعد الشراء، مما يضفي على التجربة حساً من التشويق والإدمان.
ما دخل لابوبو بالحالة النفسية؟
لكن ما الذي يجعل هذه الدمية القبيحة–اللطيفة، أو ما يُعرف بجمال "الـ ugly-cute" بهذه الجاذبية؟ الصحفي والمؤثر أنجيل نيموف الذي يقيم في سيول يقول لمجلة Vogue Business: "أعتقد أنها تشفي شيئاً في داخلنا... إنها تلمس الطفل الذي لم يكبر تماماً بعد، وتوقظ حنيناً لأوقات أكثر بساطة". نيموف، الذي بدأ بجمع دمى Jellycat سابقاً، يرى في لابوبو نوعاً من العلاج النفسي المصغّر، في عالم يغرق في التوتر والتقلبات.
ومن هارودز إلى ديبوف، لا يمكن تجاهل الطلب المتزايد على هذه الشخصيات. المتاجر الكبرى مثل سيلفريدجز تؤكد أن دمى Jellycat كانت الأسرع مبيعاً في موسم الأعياد لعام 2024، بمعدل بيع دمية كل 15 ثانية. ومع ازدياد إصدارات Pop Mart مثل Crybaby وHirono، بات واضحاً أن جمهور "الكيدلت" أو "الكبار الذين يشترون لعب الأطفال" في ازدياد ملحوظ.
وتشرح كيت وودهيد، مديرة قسم الألعاب في هارودز، أن الأمر يتجاوز الموضة: "نعيش في زمن مليء بالقلق وعدم اليقين، ويبدو أن الناس يبحثون عن شيء يبعث على البهجة، البساطة، والحنين. لابوبو تحقق كل ذلك في جسم دمية صغيرة".
من جهتها، تشير أليسون برينغي، المديرة التسويقية في Launchmetrics، إلى أن هذه الظاهرة ليست مجرد لحظة ثقافية عابرة: "في عالم مليء بالضجيج والقلق، تعود العلامات التجارية للتسويق عبر النوستالجيا. إنها لغة عاطفية قوية تستهدف المستهلك مباشرة في قلبه، لا محفظته فقط."
الفوضى الجميلة
أما على صعيد الأسلوب، فتأتي دمى لابوبو كجزء من جنون الـ chaotic customisation — أو "الفوضى الجميلة" في تنسيق الإطلالة — حيث يتم تعليقها على حقائب هيرميس بيركن الفاخرة أو حقائب ديور، ليس فقط كإكسسوار لافت، بل كبيان شخصي، وكأن صاحبة الحقيبة تقول: "أنا أنيقة، لكنني أيضاً مرحة، وعندي روح طفل."
وفي ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، تقدم لابوبو خياراً أنيقاً ومتاحاً نسبياً — بسعر يبدأ من 18 دولاراً أميركياً، ما يجعلها واحدة من قطع الـ "ستايتمنت" الأكثر تأثيراً بأقل التكاليف.
باختصار، لابوبو ليست مجرد دمية. إنها حالة، ثقافة فرعية، وحتى حركة جمالية تعيد تعريف مفاهيم الفخامة، الجاذبية، والراحة النفسية في آنٍ واحد. وبين الحنين للطفولة، جمال الغرابة، وانفجار الألوان والشخصيات، يبدو أن لابوبو ليست مجرد صيحة مؤقتة... بل بداية عهد جديد للموضة ذات الروح الطفولية.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.