في خطوة تاريخية أعلنت دار ديور Dior منذ أيام قليلة عن تعيين المصمم الأيرلندي الشمالي جوناثان أندرسون مديرًا إبداعيًا جديدًا لمجموعات النساء والهوت كوتور والإكسسوارات خلفًا لماريا غراتسيا كيوري، وبذلك يصبح أول مصمم منذ مؤسس الدار كريستيان ديور بفرض سيطرته الإبداعية على كافة مجموعات الدار تاركًا عشاق الموضة في حالة ترقب لما سيقدّمه.
تتمتع دار ديور بإرث راسخ لا يعرف المجازفة واللحظات العابرة عندما يتعلق الأمر بالمصمم الذي سيكتب فصول الدار الراقية، كل خطوة مدروسة بدقة وعناية لاختيار الأفضل. 10 مصممين رسموا ملامح ديور على مدار عقود تحولت أعمالهم إلى أيقونات إبداعية تجوب متاحف العالم، وتُخلد في ذاكرة الموضة، يتمتع كل منهم بأسلوب خاص ولمسات فريدة تتنوع ما بين الجرأة المثيرة إلى الكلاسيكية التقليدية وببراعة تتحدث جميعها بلغة ديور الأنثوية، فيما يلي نتذكر أبرز أعمالهم ومميزات كل فترة في تاريخ الدار:
كريستيان ديور (1946-1957)
أطلق مؤسس الدار كريستيان ديور علامته في ديسمبر 1946 كان يعمل فيها حوالي 80 موظفًا برأس مال قدره ستة ملايين فرنك، بتمويل من رجل الأعمال مارسيل بوساك المختص في مجال المنسوجات ليبدأ كتابة قواعد الموضة الأنثوية الراقية، ويضع أسس الأناقة الخالدة كما نعرفها اليوم، وخلال فترة عمله في الدار كانت تحت سيطرته الإبداعية بالكامل قدّم للعالم إبداعات ثورية أبرزها إطلالة "نيولوك" والتي تميّزت بتنانير واسعة على شكل حرف A، وخصر مشدود، وأكتاف مستديرة بعد الحرب العالمية الثانية لينهي بذلك الإطلالات القاسية التي رافقت الحرب، كما أسس أيضًا قسم العطور في ديور، وقدّم أول أحمر شفاه "ديور روج" عام 1953، ورحل عن عالمنا عام 1957 بنوبة قلبية عن عمر يناهز 52 عامًا.
إيف سان لوران (1957-1960)
بعد وفاة ديور المفاجئة عام 1957، فكّر الرئيس التنفيذي لدار ديور جاك رويه، في إغلاق الدار نهائيًا لكن حجمها الضخم منعه من ذلك، وتولى إيف سان لوران المهام الإبداعية خلفًا لكريستيان ديور بعد أن عمل لدى ديور مساعدًا له ومديرًا للورشة. جرأة إيف سان لوران وأسلوبه المعاصر لم يكن على هوى طابع ديور المتحفظ الكلاسيكي نوعًا ما، وابتكر جماليات مستوحاة من حركة البوهو "إطلالة بيت" (Beat Look) مما أدى إلى غضب في صناعة الموضة الراقية، ولحسن الحظ ذهب إيف سان لوران إلى الجيش، وبعد ست مجموعات، تخلى عن منصبه في ديور، وأسس بعد عامين علامته الخاصة سان لوران.
مارك بوهان (1960-1989)
يعود الفضل إلى مارك بوهان المدير الإبداعي لديور إلى إنقاذ العلامة وتطويرها حيث تولى منصبه عام 1960 بعد مغادرة إيف سان لوران، واستمر في الدار لمدة ما يقرب من 30 عامًا، أطلق أول خط للأزياء الجاهزة عام ١٩٦٧، وأنشأ أول نسخة من أزياء الرجال ما يُعرف الآن باسم Dior Homme، وتميزت تصاميمه بأسلوب كلاسيكي متحفظ مستوحاة مباشرة من أعمال كريستيان ديور، وفي عام 1989 غادر مارك بوهان ديور ليعمل مع نورمان هارتنيل في لندن.
جيانفرانكو فيري (1989-1997)
استحوذ برنار أرنو عام 1984 على مجموعة Boussac Saint-Frères للمنسوجات والتجزئة المالكة لدار ديور، وفي عام 1989 وقع اختياره على المصمم الإيطالي جيانفرانكو فيري لمنصب المدير الإبداعي بعد رحيل مارك بوهان المفاجئ. تميزت تصاميمه بأسلوب راقِ مع خطوط هندسية بارزة، كما يشتهر بتصميم حقيبة ليدي ديور، التي طُرحت لأول مرة عام 1994، ورحل عن الدار عام 1997.
جون غاليانو (1997-2011)
بلا شك كانت فترة جون غاليانو هي الأكثر إثارة ومتعة في تاريخ ديور، تحولت معه الدار إلى تجربة فنية معاصرة، وجذبت عروضه العالم بجرأتها وسردها المسرحي، دمج بين الأزياء التاريخية وأناقة ديور الكلاسيكية، ابتكر حقيبة سادل الشهيرة التي ما زالت من أساسيات ديور إلى اليوم، وعلى الرغم من شهرته الواسعة وعروضه الساحرة إلا أنه طُرد من ديور يعض تسرب تصريحات معادية للسامية خلال حادثة وقعت عام 2010 بعدها عينت ديور بيل غايتن ليقدم مجموعتين من الأزياء الراقية لكنهما لم تجذبا الانتباه.
هادي سليمان (2000-2006) Dior Homme
تحولت مجموعات الرجال في ديور على يد هادي سليمان إلى قوة إبداعية غيرت من مشهد الموضة الرجالية فحول القصات الفضفاضة الكلاسيكية إلى ضيقة، وأضفى طابع الروك إلى إبداعاته مما جذب أنظار النجوم مثل براد بيت وميك جاغر، وجعل كارل لاغرفيلد يفقد الكثير من الوزن ليرتدي تصاميمه، وانتهت فترته في ديور عام 2006.
كريس فان آش (2007-2018) Dior Homme
تولى المصمم كريس فان آش منصب المدير الإبداعي لقسم أزياء الرجال من عام 2007 حتى عام 2018، وحافظ على الجماليات التي أرساها هادي سليمان من خطوط نظيفة وقصات منمقة أضاف لها لمسة كلاسيكية، ونجح في استقطاب المزيد من المشاهير إلى الدار.
راف سيمونز (2012-2015)
على الرغم من فترته القصيرة في ديور إلا أن راف سيمونز من العلامات الفارقة في تاريخها يأتي بعد جون غاليانو ويحافظ على نجاح الدار المتزايد لكن بأسلوب أكثر عصرية مع تجديد لافت في طابع التصاميم، لكنه بخلاف جميع التوقعات قرر مغادرة منصبه عام 2015 في قمة نجاحه للتركيز على علامته الخاصة بجانب العمل لدى كالفن كلاين، واليوم هو الشريك المصمم لدار برادا برفقة ميوتشيا برادا.
ماريا غراتسيا كيوري (2016- 2025)
ماريا غراتسيا كيوري هي أول امرأة تتولى المهام الإبداعية في دار ديور، تميزت فترتها بجماليات أنثوية تتيح المجال لتمكين المرأة من خلال تصاميم تجمع بين كلاسيكية ديور الأنثوية الراقية والطابع العملي للمرأة المعاصرة، وحرصت على إقامة حوار ثقافي فني مع الفنون النسوية، والمبدعات من حول العالم، وشهدت فترتها ارتفاع الأرباح والأداء التجاري لتترك الدار في 2025 بعد عرض مجموعة كروز 2026.
كيم جونز (2018-2025) Dior Homme
قادمًا من لويس فويتون عينت دار ديور المصمم كيم جونز مديرًا إبداعيًا لمجموعات الرجال عام 2028 ليأتي بفكر يختلف كليًا عن كريس فان آش يميل أكثر إلى ثقافة البوب، والعناصر الفنية الشبابية بألوان حيوية، وقصات مُبتكرة، واستخدام شعارات الدار ليعلن في 2025 تنحيه عن منصبه.
مُحررة أخبار وكاتبة مقالات لموقع gheir.com، شغفي بصناعة الأزياء دفعني إلى التعمق و دراسة أصولها، بينما خبرتي الأكاديمية في مجال الإعلام جعلت مهنة مُحررة الموضة هي الأمثل لي، لأنقل لكم يومياً أخبار الأزياء و المجوهرات، و حوارات مع أهم شخصيات الموضة العالمية والعربية بجانب تحليلات أسبوعية تكشف كواليس و خبايا صناعتها.