الذكريات التي ترافقنا العمر كله، تكون ناتجة عن تجارب غير اعتيادية. وزيارتي إلى العاصمة هافانا هي بحد ذاتها تجربة من العمر.
زرت هذه المدينة بعد الانفتاح الكبير والتاريخي الذي شهدته كوبا على المستويين السياسي والاجتماعي، وعدتُ من هذه الزيارة بكم كبير من الذكريات الجميلة التي تستحق أن تُروى.
كوبا ارتبطت في ذهننا بسياسية الثائر فيديل كاسترو الذي تولى رئاسة البلاد بعد انقلاب كبير على الحكم الإقطاعي السابق، وتولى مع رفيق دربه المناضل التاريخي تشي غيفارا، إدارة دفة البلاد، التي بقيت طوال العقود الماضية، من القلاع الحصينة في مواجهة الحكم الغربي "الأمبريالي".
هذا البلد الذي بقي عصياً على كل محاولات تغيير نظام الحكم فيه، أدرك في نهاية المطاف أن العزلة السياسية الذي وجد نفسه فيها لأكثر من 20 عاماً لم تعد تجدي نفعاً، ولذلك شهدنا قبل أكثر من شهر على تغيير جذري في السياسية الكوبية، التي أصبحت اكثر انفتاحاً على العالم، وعلى جارتها اللدود، الولايات المتحدة.
في الواقع، العزلة التي فُرضت على كوبا طوال سنوات، كانت ذات جانب إيجابي أيضاً، تجلّى في حفاظ هذا البلد على تراثه وتقاليده المحلية، فكل شيء فيه يبدو ضارباً في القِدم، ذا سحر خاص ورونق يستحوذ عليك.
الأبنية مازالت قديمة وأحياناً متصدعة، وتعود هندستها المعمارية إلى الحقبة الباروكية، السيارات فيها قديمة جداً إذ تمّ تصنيعها في الخمسينيات والستينيات من القرت الماضي، وبعد هذين العقدين، مُنعت كل أشكال الرخاء في البلاد، وتوقف استيراد السيارات الفارهة. الموسيقى اللاتينية الحالمة، الشوارع الضيقة، الأبنية ذات الألوان الاستوائية الجميلة، المطاعم ذات المقاعد والطاولات الخشبية المحفورة، الملابس الملونة والمطرزة والقمصان التي تحمل صور تشي غيفارا، كل شيء في هافانا يبدو مختلفاَ وكأنه ينتمي إلى عالم آخر غير هذا العالم الذي نعيش فيه. في هافانا ستعانون كثيراً إن كنتم من المدمنين على تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، فخدمة الإنترنت بطيئة جداً، والتواصل مع العالم الخارجي ليس بالأمر اليسير. لكن لهذه الأسباب بالذات، ستجدون الفرصة المناسبة للاستمتاع بالتعرف عن كثب على حياة الناس، يومياتها، شغفها، معاناتها وفنها.
حرصت على القيام بجولة في أرجاء هافانا للتعرف إليها عن كثب، وخلال هذه الجولة، التقطت هذه الصورة لكي توثق زيارتي لهذه المدينة، ولكي أشارككم في الوقت نفسه، جزءاً من الحلم الكوبي الذي عشته..
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.