
ثبتت مشروعية البيع كأسلوب لتبادل المنفعة بين الناس في كتاب الله وسنة النبي وإجماع المسلمين. فمن القرآن الكريم قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا).
وتظهر في هذه الآية الكريمة دلالة على حل البيع للتوسعة على العباد وتحقيق التكامل بينهم. أما في السنة النبوية فقد ثبتت مشروعية البيع في أحاديث كثيرة، من بينها قوله عليه الصلاة والسلام حيل سئل أي الكسب أطيب (عمل الرجل بيده، وكلّ بيع مبرور). وسنتحدث هنا عن البيوع المحرمة وعن حكم التأمين التجاري.
البيوع المحرمة في الإسلام
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قاعدة مفيدة في هذا الباب، تُعين على فهم الموضوع، وبالقياس عليها يلتئم الباب .
قال رحمه الله – كما في "مجموع الفتاوى" (29/22) - :
" القاعدة الثانية : فى العقود حلالها وحرامها : والأصل فى ذلك أن الله حرم فى كتابه أكل أموالنا بيننا بالباطل، وذم الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، وذم اليهود على أخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل، وهذا يعم كل ما يؤكل بالباطل في المعاوضات والتبرعات، وما يؤخذ بغير رضا المستحق والاستحقاق .
وأكل المال بالباطل فى المعاوضة نوعان ذكرهما الله في كتابه هما : الربا، والميسر .
فذكر تحريم الربا الذي هو ضد الصدقة في آخر سورة البقرة وسورة آل عمران والروم وذم اليهود عليه في سورة النساء . وذكر تحريم الميسر في سورة المائدة .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَصَّل ما جمعه الله في كتابه : فنهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر كما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، والغرر هو المجهول العاقبة، يفضي إلى مفسدة الميسر التي هي إيقاع العداوة والبغضاء، مع ما فيه من أكل المال بالباطل الذي هو نوع من الظلم، ففي بيع الغرر ظلم وعداوة وبغضاء .
البيوع المحرمة وأنواعها
تحريم الربا في القرآن أشد، ولهذا قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة/278-279
وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر كما خرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، وذكر الله أنه حرم على الذين هادوا طيباتٍ أُحلت لهم، بظلمهم، وصدهم عن سبيل الله، وأخذهم الربا، وأكلهم أموال الناس بالباطل، وأخبر سبحانه أنه يمحق الربا كما يُربي الصدقات، وكلاهما أمر مجرب عند الناس " انتهى .
فالقاعدة : أن كل بيع يشتمل على واحد من هذين المحذورين – الربا والميسر - أو كان حيلة إليهما فهو من البيوع المحرمة .
ومن أمثلة البيوع المحرمة بسبب الربا : بيع العينة، وكثير من صور بيع الدَّين، والجمع بين البيع والسلف . . ونحوها .
ومن أمثلة البيوع المحرمة بسبب الميسر : بيع الشيء المجهول، وبيع ما لا يقدر على تسليمه.
البيوع المحرمة بسبب الظلم

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أصَابِعُهُ بَلَلا، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قال: أصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ الله! قال: «أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي». أخرجه مسلم.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ رَضِيَهَا أمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ». متفق عليه.
البيوع المحرمة وسبب تحريمها
قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275].
وقال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [261]} [البقرة:261].
قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [130]} [آل عمران:130].
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ». قالوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قال: «الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وَأكْلُ الرِّبَا، وَأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ». متفق عليه.
مرجع:
https://binbaz.org.sa
من مواليد القاهرة 1985، حاصلة على بكالريوس الآداب جامعة عين شمس عام 2006، متابعة وناقدة فنية، أعمل كمحررة محتوى على موقعيّ Nawa3em، وgheir، ومتخصصة في كتابة المقالات والآراء حول المسلسلات والأعمال الانتاجية الفنية، وأحاول تحسين حياة القراء والقارئات عبر هذه المقالات.